الكاتب: ماهر فرغلي
إن استخدام مواقع التواصل الاجتماعى لدى التنظيمات المتطرفة له عدة وظائف فى إطار العمليات النفسية فى مرحلة التوحش، وهى تتكامل مع وظائف الوسائل الإعلامية، مثل الترهيب والترغيب، إثارة الفتن الطائفية والمذهبية، تقويض المجتمع من الداخل.
إن سهولة التواصل والتفاعل عبر الفضاء الإلكترونى تشجع ليس فقط على ارتباط وتقارب الأفراد ذوى الأفكار المتطرفة أو ذوى الاستعداد المسبق لتقبلها والإيمان بها، وإنما ينسحب هذا أيضاً على المجموعات، أى تنطبق نفس فكرة التئام وانجذاب المتشابهين كل للآخر على المجموعات والكيانات، فتصير فيما بينها علاقة تفاعل إيجابى قابلة للتطور لاحقاً إلى استقواء وربما تنسيق، أو حتى اندماج، تماماً كما يحدث بين الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية فى الواقع الفعلى.
ويعتبر العمل إلكترونياً لدى التنظيمات المتطرفة وسيلة لاختيار المجندين الجدد، بعيداً عن الخطوات التقليدية القديمة، التى كانوا يحددون فيها الخطوات للاختيار، وأولها الجذب والدعوة، وهى مرحلة غالباً ما يقوم بها دعاة تلك الجماعات، الذين يوجدون غالباً فى بؤر التجنيد التقليدية؛ المساجد والجمعيات الخيرية والإغاثية والثقافية الإسلامية، والجامعات والمعاهد والمدارس الدينية، ورحلات الحج والعمرة والمعسكرات الصيفية والكشفية، والصالات الرياضية.
كما يستهدفون من خلال هذا العمل الإلكترونى تعميق التناقض، وهو التوحش الحقيقى والفوضى غير الخلاقة، حيث تلعب شبكات التواصل الاجتماعى، أو وسائط الإعلام الإلكترونية، دوراً أساسياً فى توسيع وتعميق الفجوة والتناقض بين حواضن التطرف وأقطابه فى مختلف الجماعات والمكونات الدينية والثقافية، وهو دور ربما يكون غير ظاهر بوضوح؛ لأنه يتركز بالأساس داخل الدول ذات التنوع المجتمعى، خصوصاً تعدد الأديان أو المذاهب، فلولا وجود شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) وما أفرزته من مواقع إخبارية وشبكات تواصل تحفل بكل أشكال الأخبار والآراء والأفكار، مرئية ومسموعة ومقروءة، لظلت المواقف المتطرفة والأفكار الانعزالية أسيرة أصحابها والدائرة الضيقة من معارفهم أو المحيطين بهم، ولما كان لها مردود عكسى سلبى على المكونات المجتمعية الأخرى التى تطالها تلك الأفكار، أو تضعها فى خانة «الكفر» أو «الشِرك».
ويتم من خلال العمل إلكترونياً القرصنة، التى يتم تنظيمها والتخطيط لها عبر العالم الافتراضى، وتتسم هيكلته بالتعقيد، وهى عبارة عن مجموعات متخصصة فى هذا الشأن، وتتميز جماعة الإخوان بالبراعة فى هذا المضمار، وأما «داعش» فقد بدأ تشكيلها بحلول أوائل عام 2016، وهى، وفق ويكيبيديا، تنقسم إلى أربعة أقسام هى: «قسم الخلافة الشبح» و«جيش أبناء الخلافة» و«جيش الخلافة الإلكترونية» و«فريق الأمن الإلكترونى». وكلهم اتحدوا فى أبريل 2016 باسم «الخلافة الإلكترونية الموحدة» وتم بث أخبارها من خلال قناة Telegram الخاصة بهم وحسابات وسائل التواصل الاجتماعى الأخرى.
ووصل التوحش من التنظيمات فى مواقع التواصل إلى إدارة الأعمال القتالية، وتنقسم فى التنظيمات الإرهابية إلى: أ. المبتدئون المنفردون. ب. العمل المسلح الحر. ج. العمل النوعى الخاص (للمحترفين المتواصلين مع التنظيم). د. مجموعات المناطق المركزية فى العراق وسوريا. هـ. مجموعات الأذرع والولايات.
ويتم إدارة العمل الدعوى أيضاً فى مواقع التواصل عن طريق مخططين افتراضيين مختصين، وهو الذى يهدف لتحقيق أقصى استفادة من إمكانات وسائل الإعلام، ويجرى ذلك فى غرف مغلقة، وكل غرفة لها قائد، ليتصلوا جميعاً فى النهاية بقائد عام، وينقسم إلى: الترويج – الاستقطاب، وفى هذا العمل الدعوى والترويجى سنلاحظ الدعاية المقدمة، والافتتاحيات، والأسلوب الدموى، والتصميم الجرافيكى والقدرة على استهداف جمهور جديد يجعله مورداً جديداً، وذلك من خلال تكريس خطوط إنتاج دعائية، وحث جميع الأمة (المجتمع الإسلامى الافتراضى) على إقامة الخلافة.
ويمكن تصنيف الأفكار والرسائل التى يحرصون على تصديرها إلى عدد من العناوين الرئيسية التى تندرج تحتها العديد من الشواهد والأمثلة، وهى تخوين المخالفين وإسقاط شرعيتهم، وتفنيد الاتهامات الموجهة للتنظيم وادعاء المظلومية، ورسائل الخطاب الداخلى للمقاتلين والأتباع، والاحتفاء بالتقارير الصحفية والاستخباراتية التى تتحدث عن قوتهم، وتقديم سردية التنظيم وسياسته المعارضة للأنظمة الحاكمة، والتحريض على العنف وبث خطاب الكراهية والتكفير، ومجاراة الأحداث والتعليق عليها.
ومع التطورات الحالية فى استخدام الذكاء الاصطناعى التوليدى، الذى من خلاله يقومون بتوليد محتوى ونصوص وصور ومقاطع صوتية ومقاطع فيديو ومحاكاة متعددة الوظائف، أصبحت هناك تحديات أكثر فى تطوير مخرجات جديدة بدلاً من مجرد التنبؤ والتصنيف تتضمن كيفية مجابهة تلك التطبيقات الجديدة، فالدعاية هى واحدة من الأدوات الرئيسية التى تستخدمها الجماعات الإرهابية للترويج لقيمها ومعتقداتها، وبمساعدة الذكاء الاصطناعى التوليدى، يمكن نشر الدعاية بسهولة أكبر، وقد يزيد تأثيرها بشكل كبير، مما يجعلها أكثر كفاءة ومصممة خصيصاً لأهدافها، كما يمكن استخدام الدعاية لنشر خطاب الكراهية والأيديولوجيات المتطرفة، ويمكن أن يساعد استخدام الصور أو مقاطع الفيديو أو الصوت الاصطناعية (المزيفة) التى تتوافق مع قيم المتطرفين فى زيادة نطاق الدعاية المنتجة، وتكثيف الرسائل، و With the current advancements in the use of artificial intelligence (AI) generation, which involves generating content, texts, images, audio and multi-function simulations, there are greater challenges in developing new outputs rather than just predicting and classifying. These challenges include how to confront these new applications. Propaganda is one of the main tools used by terrorist groups to promote their values and beliefs, and with the help of AI generation, propaganda can be easily disseminatedالتأثير على مواقف الناس وعواطفهم.
نقلاً عن “الوطن“